Saturday, July 22, 2023

أبَواكَ أبَواكَ برَّهُما وأحسن إليهما محمد شندي الراوي

 

أبَواكَ أبَواكَ برَّهُما وأحسن إليهما

محمد شندي الراوي

جاء الإسلام ليهدي البشرية إلى الصراط المستقيم الذي يوصل العبـاد إلى رضوان الله ، ويعيدهم إلى جنته ، ويوفر لهم الحياة الطيبة، ولذلك عَرفّهم بالحقوق، وأمرهم بأدائها ، ومن أعظم الحقوق حق الوالدين ولذلك كثيراً ما يأمر سبحانه بعبادته وحده لا شريك له ، وطاعته فيما أمر وذلك حقه وحده ، ثم يثني بالأمر بالإحسان للوالدين .

أبواك لهما الفضل السابق عليك ، فهما سبب وجودك بعد الله ولهما عليك غاية الإحسان، فحقٌ عليك أن تعترف بإحسـانهما عليك ، وواجب عليك برهما والإحسان لهما ،وخاصة عندما يبلغـان من العمر عتيـًّـا فيجب التواضع لهما ، ومخاطبتهما بالقول اللين، وتكريمهما والدعاء لهم

فقد أمرنا ربنا سبحانه وتعالى ببرهما والإحسان إليهما

قال اللَّه تعالى: ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً)) (النساء:36)

وقال تعالى: ((وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)) (العنكبوت:8)

وقال تعالى: ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الاسراء:24-23)

وقال تعالى: ((وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (لقمان:14)

وأمرنا نبيبنا صلى الله عليه وسلم ببرهما والإحسان إليهما فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أحاديث في بر الوالدين منها:

عن أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال : سأَلتُ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: أَيُّ الْعملِ أَحبُّ إلى اللَّهِ تَعالى ؟ قال : « الصَّلاةُ على وقْتِهَا » قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قال: «بِرُّ الْوَالِديْنِ » قلتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قال : «الجِهَادُ في سبِيِل اللَّهِ » متفقٌ عليه .

عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ ، فَقَالَتْ : هذا مُقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعةِ ، قال : نَعَمْ أَمَا تَرْضينَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قالت : بَلَى ، قال فذلِكَ ، ثم قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : اقرءوا إِنْ شِئتُمْ : { فهَلِ عَسَيْتمْ إِن تَولَّيتُم أَنْ تُفسِدُوا في الأَرْضِ وتُقطِّعُوا أَرْحامكُمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أُولَئِكَ الذين لَعنَهُم اللَّهُ فأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } [ محمد : 22 ، 23 ] متفقٌ عليه.

عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : جَاءَ رَجُلٌ إلى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال : يا رسول اللَّه مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بحُسنِ صَحَابَتي ؟ قال : « أُمُّك » قال : ثُمَّ منْ ؟ قال: « أُمُّكَ » قال : ثُمَّ مَنْ ؟ قال : « أُمُّكَ » قال : ثُمَّ مَنْ ؟ قال : « أَبُوكَ » متفقٌ عليه .

عن أَسْمَاءَ بنْتِ أبي بكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي اللَّه عنهما قالت : قَدِمتْ عليَّ أُمِّي وهِي مُشركة في عهْدِ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَاسْتَفتَيْتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قلتُ : قَدِمتْ عَليَّ أُمِّى وَهِى راغبةٌ ، أَفأَصِلُ أُمِّي ؟ قال : « نَعمْ صِلي أُمَّكِ » متفق عليه .

وقولها : « راغِبةٌ » أَي : طَامِعةٌ عِندِي تَسْأَلُني شَيئاً ، قِيلَ : كَانَت أُمُّهَا مِنْ النَّسبِ، وقِيل: مِن الرَّضاعةِ والصحيحُ الأَول .

ومن بر الوالدين ألا يتسبب الابن في إيصـال الأذى إليهما . يقول صلى الله عليه وسلم : [ من الكبائر شتم الرجل والديه ] . قالوا : يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه ؟! قال : [ نعم ، يَسُبُّ أبا الرجل فَيَسُبُ أباه ، ويسب أمه فيسب أمه ] . رواه البخاري ومسلم .

عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما قال: أَقْبلَ رجُلٌ إِلى نَبِيِّ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فقال: أُبايِعُكَ على الهِجرةِ وَالجِهَادِ أَبتَغِي الأَجرَ مِنَ اللَّه تعالى . قال: « فهَلْ مِنْ والدِيْكَ أَحدٌ حَيٌّ ؟ » قال : نعمْ بل كِلاهُما قال : « فَتَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللَّه تعالى؟» قال : نعمْ . قال : « فَارْجعْ إِلى والدِيْكَ ، فَأَحْسِنْ صُحْبتَهُما . متفقٌ عليه .

وهذا لَفْظُ مسلمٍ .

عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « رغِم أَنْفُ ، ثُم رغِم أَنْفُ ، ثُمَّ رَغِم أَنف مَنْ أَدرْكَ أَبَويْهِ عِنْدَ الْكِبرِ ، أَحدُهُمَا أَوْ كِلاهُما ، فَلمْ يدْخلِ الجَنَّةَ » رواه مسلم .

وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم : [ رغم أنفه ، رغم أنفه ، رغم أنفه قيل : من يا رسول الله ؟ قال: [ من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخلانه الجنة ] . رواه مسلم .

وفي حديث قدسي يقول الله تعـالى للرحم عندمـا استعاذت به من القطيعة : [ ألا ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك؟] رواه البخاري ومسلم. ويأمر الرسول صلى الله عليه وسلم صحابيـاً بأن يطيع أمه بقوله : [ الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه ] رواه الترمذي وابن ماجه.

 

من حقوق الوالدين على الولد :

للوالدين حق عظيم على الأولاد، لكثرة ما قدما لابنائهما من خدمات وتفاني وإحسان

وهذه التضحيات العظيمة التي يقدمها الآباء لابد أن يقابلها حقوق من الأبناء ومن هذه الحقوق التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة :

1- الطاعة لهما و تلبية أوامرهما .

2- التواضع لهما ومعاملتهما برفق ولين .

3- خفض الصوت عند الحديث معهما .

4- استعمال أعذب الكلمات وأجملها عند الحديث معهما .

5- إحسان التعامل معهما وهما في مرحلة الشيخوخة وعدم إظهار الضيق من طلباتهما ولو كانت كثيرة ومتكررة .

صور من بر الوالدين :

يخـبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة رجال ممن كانوا قبلنا كانوا يتماشون ، فأخذهم المطر فمالوا إلى غار فانحطت على فم غارهم صخـرة من الجبل ، فتوسل كل واحد منهم إلى الله بأرجـى عملٍ صالح عمله ليخلصهم مما هم فيه . فقال أحدهم: "اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران ، ولي صِبية صغـار كنت أرعى عليهم ، فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت بوالديّ أسقيهما قبل ولدي ، وإنه قد نأى بي الشجر يوماً فما أتيت حتى أمسيت ، فوجدتهما قد ناما فحلبت كما أحلب ، فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسهما أكره أو أوقظهما وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما ، والصبية يتضاغون (يبكون) عند قدمي، فلم يزل دأبي ودأبهم حتى طلع الفجـر، فإن كنت تعـلم أني فعلت ذلك ابتغـاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء". فاستجاب الله دعاء هذا الرجل الصالح في وقتٍ من أحرج الأوقات فجعل له مخرجاً ببره بوالديه. البخاري ومسلم.

ضرب لنا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح أروع الأمثلة في البر بالوالدين والإحسان إليهما ، ومن ذلك ما يروى من أن "أسامة بن زيد" كان له نخل بالمدينة ، وكانت النخلة تبلغ نحو ألف دينار ، وفى أحد الأيام اشتهت أمه الجمار ، وهو الجزء الرطب في قلب النخلة ، فقطع نخلة مثمرة ليطعمها جمارها ، فلما سئل في ذلك قال : ليس شيء من الدنيا تطلبه أمي أقدر عليه إلا فعلته .

ثبت أن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - سافـر من المدينة إلى مكة ، فمر به أعرابي فناداه

فقال له : ألست فلان بن فـلان ؟

قال : بلى ، فأعطاه حماراً وقال له : اركب هذا، وأعطاه عمامة

وقال : اشدد بها رأسك ، وقد كان عبد الله يتروح على الحمـار إذا تعب من ركوب الراحلة ، ويشد رأسه بالعمامة

ولما سأله أصحابه عن سر هذا العطاء مع حاجته لما أعطى حدّث بالحديث الآنف الذكر ، ثم قال : وإن أباه كان صديقاً لعمر رضي الله عنه . صحيح مسلم

وكان "على بن الحسين" كثير البر بأمه ، ومع ذلك لم يكن يأكل معهما في إناء واحد،

فسئل : إنك من أبر الناس بأمك ، ولا نراك تأكل معها ؟!

فقال : أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها ، فأكون قد عققتها .

عن انس بن النضير الاشجعي : استقت أم ابن مسعود ماء في بعض الليالي فذهب فجاءها بشربة فوجدها قد ذهب بها النوم فثبت بالشربة عند رأسها حتى اصبح .

وهذا ظبيان بن علي الثوري ـ وكان من ابر الناس بأمه ـ وكان يسافر بها إلى مكة فإذا كان يوم حار حفر بئر ا ثم جاء بنطع فصب فيه الماء ثم يقول لها : ادخلي تبردي في هذا الماء

وكان حيوه بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين يقعد في حلقته يعلم الناس فتقول له أمه : قم ياحيوة فالق الشعير للدجاج فيقوم ويترك التعليم .

يحكى أن إحدى الأمهات طلبت من ابنها في إحدى الليالي أن يسقيها ، فقام ليحضر الماء ، وعندما عاد وجدها قد نامت ، فخشى أن يذهب فتستيقظ ولا تجده ، وكره أن يوقظها من نومها ، فظل قائمًا يحمل الماء حتى الصباح .

أين نحن من حال هؤلاء وحال أبنائنا اليوم وللأسف الشديد انقلب حال كثير من أبنائنا اليوم ..

فتجدهم في حالة تأفف وتضجر وإظهار للسخط وعدم الرضا ...

بل بعضهم يهرب من أبيه حال كبره .. ولا يزوره إلا في فترات متباعدة .. والكثير يسمع كلام زوجته في أمه وأبيه فهي التي تحدد علاقته بهما سواء سلباً او إيجاباً..

بل ربما وصل به الحال أن يضع والديه أو أحدهما في أحد الملاجئ أو دور العجزة وربما نهر أمه أو أباه بصوت مرتفع وكلام سيئ

كيف تكون بارًّا بوالديك

أطع والديّك فيما ليس فيه معصية لله.

ألتمس رضاهما بشتى الطرق.

أخفض صوتك في حضورهما.

لا تسيئ لوالديك بالقول أو الفعل؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والده)

فقيل: يا رسول الله كيف يلعن الرجل والده؟

فقال صلى الله عليه وسلم: ( يسب أبا الرجل فيسب أباه،? ويسب أمه فيسب أمه) متفق عليه.

أرعهما إذا كبرا في السن.

أدعو لهما في حياتهما أو مماتهما.

صل رحمهما؛ فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يارسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم. الصلاة عليهما (أي الدعاء لهما) والاستغفار لهما،? وإنفاذ عهدهما من بعدهما،? وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما،? وإكرام صديقهما) رواه أبو داود

فضل بر الوالدين :

أولا: انه من أفضل الأعمال : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال احب إلى الله ؟ قال : " الصلاة في وقتها " قلت : ثم أي ؟ قال: " بر الوالدين " قلت: ثم أي ؟ قال :" الجهاد في سبيل الله " [ متفق عليه ]

ثانيا: انه سبب من أسباب مغفرة الذنوب : قال تعالى " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا " إلى أن قال في آخر الآية الثانية " أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون "

ثالثا : انه سبب في زيادة العمر : عن انس بن مالك " من سره أن يمد له عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه " [رواه احمد] .

رابعا : انه سبب في حصول مبرة الأبناء لمن بر ولوالديه : فعن أبى هريرة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بروا آباءكم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم " [رواه الطبراني] .

مظاهر عقوق الوالدين :

1) إبكاؤهما وتحزينهما بقول أو فعل أو غير ذلك .. فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبايعه فقال : جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان . قال: " فارجع أليهما فأضحكهما كما أبكيتهما " قال ابن عمر : بكاء الوالدين من العقوق والكبائر .

2) إدخال المنكرات أو مزاولتها أمامهم : مثل ترك الصلاة عمدا وشرب الخمر واستماع آلات اللهو ومشاهدة ما حرم الله عز وجل من الأفلام الخليعة والصور الماجنة وغيرها من المنكرات.

3) البراءة منهما أو التخلي عنهما : فعن انس الجهني عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن لله تعالى عبادا لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم " قيل : من أولئك يا رسول الله ؟ قال: " متبرئ من والديه راغب عنهما ومتبرئ من ولده ورجل انعم عليه قوم فكفر بنعمتهم وتبرا منهم "

4) تقديم الزوجة على الام والأب فيما للوالدين فيه دخل : وهذا قد انتشر في زماننا ويزداد الأمر سوءا إذا كانت الزوجة سيئة أنانية تحاول إبعاد زوجها عن والديه ليبقى لها وحدها أو تتأذى من بقائهما في داره وهذا من اكبر العقوق ...

5) عدم زيارتهما والسؤال عنهما أو التأخير في ذلك :

6) ومن العقوق يا معشر الأبناء أن ينظر الولد إلي أبيه نظرة شزر عند الغضب أو يتعاظم عن تقبيل يدي والديه أو لا ينهض لهما احتراما وإجلالا

7) التسبب في شتم الوالدين .. قال صلى الله عليه وسلم " من الكبائر شتم الرجل والديه " قالوا : وكيف يشتم أو يسب الرجل والديه ؟ فقال " يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه " أي : يصير متسببا في شتم والديه .. وقال صلى الله عليه وسلم :" لعن الله من لعن والديه"

من قصص العقوق

يقول الشيخ الفاضل عبد الملك القاسم :

حدثني من أثق به عن ولد عاق لامه .. أودعها في إحدى دورا لعجزة ولم يزرها إطلاقا حتى تردت حالتها ..

وعندها طلبت من مسئول الدار الاتصال على ابنها لتراه وتقبله قبل أن تموت .. وسبقتها الدموع وهي تنادي باسمه أن يحضر ولكن العاق العاصي ـ والعياذ بالله ـ رفض ذلك وادعى ضيق الوقت ..

فلما توفيت الأم تم الاتصال بالابن العاق فكان جوابه : اكملوا الإجراءات الرسمية وادفنوها في قبرها ...

أفكار ووسائل طبقها مع والديك:

1. تعوّد أن تذكر والديك عند المخاطبه بألفاظ الاحترام .

2. خاطبهما بالكلام الحسن وألق السلام إذا دخلت البيت او الغرفه على أحد والديك ..وقبلهما على رأسيهما وإذا ألقى أحدهما عليك السلام فرد عليه وأنظر اليه مُرّحِبَاً ..

3. لاتحدّ النظر لوالديك ، خاصةً عند الغضب.

4. إنفق على والديك ولا تبخل أبدا عليهما فأنت مالك لابيك .

5. الإهداء لهما في المناسبات وغيرها ( تهادوا تحابوا )، وأظهر التودد لوالديك ... وعبّر عن ذلك لهما وحاول إدخال السرور عليهما بكل ما يحبانه منك .

6. إذا نادى أحد الوالدين عليك فسارع بالتلبية برضى نفس وإن كنت مشغولا بشئ فاستأذن منه بالانتهاء من شغلك وإن لم يأذن لك فلا تتذمر .

7. عدم رفع الصوت عليهما ( ولا تقل لهما أُفٍّ )، وعدم مناداتهما بأسمائهما ، بل ( يا أبتِ ، يا أمي ) حتى لو كانا كافرين قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام( يا أبتِ لمَ تعبدُ ما لا يسمع ولايبصر).

8. الصبر على الأذى منهما . ( ففيهما فجاهد ) البخاري .

9. طاعتهما في غير المعصية

10. خدمتهما بكل ما تستطيع .

11. الإكثار من زيارتهما إذا كان الابن لا يسكن معهم .

12. لاتمشِ أمام أحد والديك ، بل بجواره أو خلفه ... أدباً وحُباً لهما

13. إذا خاطبت أحد والديك .. فأخفض صوتك ولاتقاطعه واستمع جيدا حتى ينتهي كلامه وإذا احتجت إلى ألنداء على أحد والديك فلا ترفع صوتك أكثر مما يسمع ..! ولا تكرر النداء عليه إلا لحاجه .

14. مشاورتهما وأخذ رأيهما في الأمور الهامة .

15.عدم الخروج إلا بإذنهما ، سواءً لسفر أو عمل أو غير ذلك .

16.عدم اليأس من صلاحهما ، بل كن حسن الظن بالله أن يهديهما .

17. دعوتهما للخير بالأسلوب الجميل ، والرفق معهما في ذلك .

18. تعليمهما ما ينفعهما ويقربهما إلى الله من أمور الدين من صلاة وصيام وغير ذلك .

19. الاتصال عليهم بالهاتف عندما تكون بعيداً عنهم .

20. لا تكن الزوجة سبباً للعقوق والتقصير في برهما، وانتبه من مكر بعض الزوجات اللواتي لايخفن الله .

21. عند الأكل مع والديك لاتبدأ الطعام قبلهما إلا إذا أذنا بذلك، ولا تمشِ أمامهما ، ولا تجلس قبلهما .

22. لا تخرج من البيت إلا بعد أن تتأكد من أنهما لا يحتاجان لك .

23. احذر المخالفة والردود القاسية لأجل موضوع لا يستحق .

24. إذا رأيت منهما منكر ، فلا يحملك حبّ تغيير المنكر إلى ترك الحكمة والرفق واللين في النصيحة .

25. المداعبة الحسنة ، وإدخال السرور عليهم ، من أعظم الطاعات

26. إذا رأيت أحد والديك يحمل شيئا فسارع في حمله عنه.

27. إذا خرج أحد والديك من البيت لعمل أو مهمه فقل لأمك .... في حفظ الله يا أمي ... ولأبيك (( أعادك الله لنا سالما يا أبي

28. لاتكثر الطلبات منهما وأكثر من شكرهما على ما قاما ويقومان به لأجلك ولأخوتك.

29. إذا مرض أحدهما فلازمه ما استطعت ...وقم على خدمته ومتابعة علاجه وا حرص على راحته والدعاء له بالشفاء ..

30. أحفظ أسرار والديك ولا تنقلها لأحد وإذا سمعت عنهما كلاما يكرهانه فردّه لاتخبرهما حتى لاتتغير نفوسهما أو تتكدر.

31. ادع الله لوالديك خاصه في الصلاة واذكر أن فعلك الخير يرضي ! الله عنك وعن والديك فالزم ذلك .

32. إذا ماتا فالترحّم عليهما والدعاء لهما بالمغفرة والصدقة عنهما ، وتنفيذ وصاياهما، وصلة أصدقائهما وأحبابهما .

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن من أبر البر صلة الرجل أهل وُدِّ أبيه بعد أن يولي ) رواه مسلم.

أخي الحبيب. أختي الغالية..

أحذر من التقصير في حق والديك ..فان عاقبة ذلك وخيمة .. وكن باراً بهما فإنهما عن قريب راحلين .. وحينئذ تعض أصابع الندم ولآت ساعة مندم ..

وصلي الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر موقع طريق الجنة http://www.aljannahway.com

خطبة التحذير من عقوق الوالدين

يحيى بن موسى الزهراني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الأول والآخر ، والباطن والظاهر ، القوي القاهر ، الرحيم الغافر ، أحمده سبحانه على نعيمه الوافر ، وأشكره على فضله المتكاثر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلم مكنونات الصدور ، ومخفيات الضمائر ، خلق الخلق وكلهم إليه صائر ، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله المطهّر الطاهر ، كريم الأصل زكي المآثر ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضائل والمفاخر ، والتابعين ومن تبعهم من أولي البصائر ، ومن كان على درب الحق سائر . أما بعد : فأوصيكم _ عباد الله _ ونفسي بتقوى الله الملك العلام ، فإن تقواه سبحانه عروةٌ ليس لها انفصام ، وجذوة تنير القلوب والأفهام،{ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ } .

عباد الله : جاء رجل إلى المحكمة العامة شاكياً باكياً قائلاً : أذن المؤذن لصلاة الفجر ، فذهبت لإيقاظ ولدي للصلاة ، فقام وصفعني على وجهي ، وانفجر باكياً خذوا بحقي من ولدي ، أنصفوني من فلذة كبدي ، آمره فيعصاني ، وأزجره فينهرني ، كرهت ولدي ، إني أبغضه ، لا أحبه ، لا أريده في بيتي ، ووجدت أمٌ مقتولة ، قتلها ولدها بأداة حديدية ، فيا ويحهم من ربهم وخالقهم ، يا ويلهم من الواحد القهار ، القوي الجبار ، قَالَ صلى الله عليه وسلم : " . . . لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ . . . " [ رواه مسلم ] ، فمن لعن والديه ، لعنه الله وغضب عليه ، وطرده من رحمته ، وأوقع به عقوبته ، فما بالنا بمن ضرب والديه أو قتل أحدهما أو كلاهما ، لهو للعنة أحق ، وللطرد مستحق ، قال جبار الأرض والسماء ، في سورة الإسراء : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } ، وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا ، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ ، مِنَ الْبَغْي وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ " [ رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] ، وهل هناك أعظم رحماً من الوالدين ، اللهم اغفر لوالدينا كما ربونا صغاراً ، اللهم أسبغ عليهم لباس العافية والتقوى ، اللهم ارفع لهما الدرجات ، واغفر لهما الزلات والهفوات ، واجمعنا بهم في أعلى الجنات ، يا غفور يا رحيم ، يا ودود يا كريم .

عباد الله : كان هناك شاب مكب على اللهو واللعب ، لا يفيق عنه ، وكان له والد صاحب دين ، كثيراً ما يعظ ولده ويقول له : يا بني احذر هفوات الشباب وعثراته ، فإن لله سطوات ونقمات ، ما هي من الظالمين ببعيد ، وكان إذا ألح عليه زاد في العقوق ، وأنكر الحقوق ، وجار على أبيه ، ولما كان يوم من الأيام ألح على ابنه بالنصح على عادته ، فمد الولد يده على أبيه ، فحلف الأب مجتهداً ، ليأتين بيت الله الحرام ، فيتعلق بأستار الكعبة ويدعو على ولده ، فخرج حتى انتهى إلى البيت الحرام ، فتعلق بأستار الكعبة وأنشأ يقول :

يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا عرض المهامه من قرب ومن بعد

إني أتيتك يا من لا يخيب من يدعوه مبتهلاً بالواحد الصمد

هذا منازل لا يرتد من عققي فخذ بحقي يا رحمن من ولدي

وشل منه بحول منك جانبه يا من تقدس لم يولد ولم يلد

فقيل أنه ما استتم كلامه ، حتى يبس شق ولده الأيمن ، قَالَ صلى الله عليه وسلم : " الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوِ احْفَظْهُ " [ رواه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ صَحِيحٌ ] ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ : دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ " [ رواه الترمذي ] ، وأحسن من قال :

والوالد الأصل لا تنكر له تربية واحفظ لاسيمـا إن أدرك الكبرَ

فما تؤدي له حقاً عليك ولو على عيونك حج البيت واعتمرا

نعوذ بالله من العقوق ، ومن فساد القلوب ، ومن جميع المعاصي والذنوب .

عباد الله : هذا عاق رمى أمه في دار العجزة ، ولم يزرها لعدة سنوات، وزمن طويل لم يعرفها، حتى الاتصال لم يتصل عليها، حرم نفسه برها، واكتسب الإثم بعقوقها، وعندما حانت ساعة وفاتها ، ولحظات احتضارها بكت ، بكت يا عباد الله ، لأنها الأم الحنون ، الأم الرءوم ، بكت ونادت المسؤولين وقالت لهم : اتصلوا على ولدي ، أريد أن أضمه قبل أن أموت ، أريد أن أقبله ، أريد أن أعانقه ، يا الله يالها من رحمة جعلها الله في قلوب الآباء والأمهات ، تريد أن تراه بعد ذلك العقوق ، إن حنانها وعطفها وحبها لوليدها ، أبى عليها إلا أن تضمه وتقبله وتعانقه ! فماذا عساه يفعل ؟ أيهرع لزيارتها ؟ أينكب عليها مقبلاً ومتسامحاً ؟ أيذرف دموع الحزن والأسى على ما فرط في جنب أمه ؟ لا هذا ولا ذاك ، فاتصلوا على ولدها ، وقالوا له : إن أمك تحتضر وتريد أن تراك وتقبلك ، وتملأ عينيها برؤيتك قبل أن تموت ، فقال العاق : ما عندي وقت ، وقتي ضيق ، عندي أعمال ، لدي تجارات ثم أغلق الهاتف ، ثم ماتت هذه الأم ، ولم تر ولدها ، ماتت ساخطة عليه ، ومن سخط عليه والديه ، سخط الله عليه ، فاتصل المسؤولون على الولد فقالوا : لقد ماتت أمك ، فرد قائلاً : أكملوا الإجراءات وادفنوها ، ياله من عقوق وأي عقوق ، أترمى الأم في دار المسنين ، أترمى قرة العين ، ومهجة الفؤاد دور الرعاية ، أترمى من جعلت بطنها لك وعاءً ، وصدرها لك طعاماً ، وحجرها لك مجلساً ، أتترك تلك الحبيبة التي سهرت الليالي والأيام ، أتعق من قاست لأجلك المتاعب والآلام ، وتركت الشراب والطعام ، من أجل راحتك وخدمتك ، قال تعالى سبحانه : { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً } ، وأخرج النسائي والبزار والحاكم وقال صحيح الإسناد ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " ثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى " ، فاتقوا الله عباد الله ، واعلموا أن العقوق دين ، وفاؤه الأبناء ، فمن بر والديه بر بنوه ، ومن عقهم عقوه ، فرحماك ربنا رحماك : { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } .

أيها المسلمون : إن نظرةً دقيقة لما تعيشه المجتمعات الغربية ، لتؤكّد أن أقسى ما تعانيه تلك المجتمعات اليوم ، هو التفكك الأسري ، والفردية المقيتة ، التي ضاقت بها بيوتهم ، بعد أن ضاقت بها قلوبهم ، ولا عجب أن يطلبَ أهل الحي فيهم الجهةَ الأمنية ، لأنَّ مسِنًّا قد مات فأزكمت رائحتُه الأنوف بعد تعفّنه ، دون أن يعلم بموته أحد ، فسبحان الله عباد الله ، إنها الماديات ، والمراتب والثقافات ، حينما تغلب على القيم والأخلاقيات ، والأعجب من ذلك ، سريان هذا الداء إلى بعض المجتمعات الإسلامية ، وهي ترى بأمِّ عينها ، كيف أوشكت الأسرة الغربية على الانقراض ، فكم نسمع من مظاهر التفكك ، وصور الخلل والعقوق في بعض مجتمعاتنا ، فهذا أب لما كبرت سنّه ووهن عظمه ، واحتاج لأولاده ، لم يجدوا ما يكافئوه به ، إلا بالتخلص منه في دور الرعاية ، ذلكم هو الأب ، الذي من أجلك يكدّ ويتعب ، ويشقى وينصب ، لراحتك يسعى ، ويدفع عنك الأذى ، ينتقل في الأسفار ، يجوب الفيافي والقفار ، ويتحمّل الأخطار ، بحثًا عن لقمة تعيش بها ، والد طاعنٌ في السن يدخل المستشفى وهو على فراش المرض ، ويعاني مرارة العقوق والحرمان ، ويقول : " لقد دخلتُ هنا منذ أكثر من شهر ، ووالله ما زارني أحدٌ من أبنائي وأقاربي " ، بل يا عباد الله ، تعدَّى الأمر إلى ما هو أفظع من ذلك وأشنع ، فهذا مأفون لمَّا بلغت أمّه من الكبر عتياً ، تبرّم وضاق بها ذرعاً ، فما كان منه إلا أن أمر الخادمة فأخرجتها خارجَ المنزل ، لتبيت المسكينة على عتبة الباب ، وهذا آخر يطلق النارَ على أبيه فيرديه قتيلاً ، من أجل مشادّة كلامية ، يا الله ، رحماك يا إلهي ، أيُّ جريمة ارتكبها هؤلاء العاقون ، في حق أعزّ وأقرب الناس إليهم ؟ ويحهم على قبيح فعالهم ، وويل لهم لفساد حالهم ، ألا وإن نماذج العقوق والقطعية ، في زمننا هذا كثيرة فظيعة ، فأين الرحمة عند هؤلاء والديانة ؟ بل أين المروءة والإنسانية ؟ ، عباد الله ، إن الجنة والنار في بيوتكم ، رَوَى اِبْن مَاجَهْ فِي سُنَنه بسند فيه مقال ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُول اللَّه ، مَا حَقّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَلَدهمَا ؟ قَالَ : " هُمَا جَنَّتك وَنَارك " ، فويل لمن عق والديه ، وويل لمن قطع رحمه ، فعقوق الوالدين أعظم قطيعة للرحم ، ومن أشد الظلم ، بل هو تفتيت للقيم ، وذهاب للشيم ، وسقوط من هام القمم ، قال الجبار المنتقم : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ * أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ } ، اللهم أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا ، وأنت خير الغافرين ، أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين ، من كل ذنب ومعصية وخطيئة ، فاستغفروا الله وتوبوا إليه ، فيا فوز المستغفرين ، ويا بشرى التائبين .

الحمد لله الذي هدانا للإسلام ، وأمرنا بصلة الأرحام ، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك القدوس السلام ، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله بدر التمام ، ومسك الختام ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله البررة الكرام ، وصحابته الأئمة الأعلام ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب النور والظلام . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، { وَٱتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .

أيها المؤمنون : إن حق الوالدين هو آكد الحقوق بعد حق الله تعالى ، وحقهما يكون في الطاعة والاحترام ، والبر والإكرام ، والإنفاق عليهما ، والقيام برعايتهما ، وكان حقهما بعد حق الله مباشرة ، لأنهما سبب الوجود بعد الله عز وجل ، ولأنهما بذلا في سبيل التربية من الجهد ، ولقيا في ذلك من المشقة مالا يعلمه إلا الله ، فلهذا قال جلا وعلا : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا } ، وهذا حق تنادي به الفطرة السليمة ، ويوجبه العرفان بالجميل ، ويتأكد ذلك في حق الأم ، فهي التي قاست من آلام الحمل والوضع والإرضاع والتربية ما قاست ، في الصحيحين ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ أُمُّك ، قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ أُمُّك ، قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : أُمُّك ، قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ أَبُوك ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أكبر الكبائر ، بل جعل مرتبته بعد الشرك بالله تعالى ، ففي الصحيحين أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : " أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا ؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ " .

معاشر المسلمين : بعد أن أوردنا هذه القصص والنقول ، فحري بأصحاب الفهم والعقول ، أن يبادروا ببر والديهم ، فبرهما سبيل للجنة ، روى الطبراني بإسناد جيد ، أن جاهمة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشيره في الجهاد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألك والدان " ، قلت : نعم ، قال : " الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما " ، ألا فاعلموا عباد الله ، أن بر الوالدين ، وصلة الرحم ، بركة العمر ، وزيادة الرزق ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ ، وَيُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " [ رواه أحمد وحسنه الألباني ] ، ثم اعلموا أيها الأبناء ، أنكم مهما عملتم من أعمال تبرون بها آباؤكم وأمهاتكم ، فلن تبلغوا بها شيئاً من الإحسان إليهما ، لأن فضلهما لا يجارى ، وبرهما لا يبارى ، وكيف تبلغون برهما وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لاَ يَجْزِئُ وَلَدٌ وَالِدَهُ ، إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكاً فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ " [ رواه مسلم ] ، بل كيف تبلغون برهما ، وَقَدْ رَأَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَجُلًا يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ حَامِلًا أُمَّهُ عَلَى رَقَبَتِهِ فَقَالَ : يَا ابْنَ عُمَرَ أَتَرَى أَنِّي جَزَيْتهَا ؟ قَالَ : لَا ، وَلَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ من طلقاتها ، وَلَكِنَّك أَحْسَنْت ، وَاَللَّهُ يُثِيبُ عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيرًا .

أيها الأخوة في الله : عقوق الوالدين ، داء استشرى في مجتمعات المسلمين ، ولابد للداء من دواء ، ولأسبابه من استقصاء ، إن من أسباب العقوق ، عقوق الآباء لآبائهم ، فالعقوق دين ، ولابد للدين من قضاء ووفاء ، ومن أسبابه يا رعاكم الله ، سوء التربية ، فالله الله بالتربية السليمة الصحيحة ، مروا أبناءكم بالصلاة ، وألزموهم كتاب الله ، لينشأ لنا جيل ، يمتثل قول الله تعالى : { وبالوالدين إحساناً } ، ألا وإن من أسباب العقوق والفساد ، عدم العدل بين الأولاد ، ومن أسبابه أيضاً ، أصدقاء السوء ، وأصحاب الشر ، ومن أسبابه إغداق الأموال ، التي بسببها يتعاطى الأبناء الدخان والمخدرات ، فيصبحوا شبحاً مخيفاً على الآباء والأمهات ، ألا وإن من أسباب العقوق ، فقدان القدوة الحسنة من قبل الآباء والأمهات ، وختاماً تأملوا قول رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " ، فكيف يكون ولد صالح ، ما لم تكن هناك تربية صالحة ، فيا عباد الله ، إن يكن صدَر منكم للأبوين عقوقٌ ، وسوء معاملة ، فتدارَكوا أعمارَكم وأوقاتَكم ، واغتنِموا حياتهما ، واسألوهما الصفح والتجاوزَ ، قبل أن تلقوا ربكم بهذه السيئة العظيمة ، والمعصية الجسيمة ، ومن كان عاقاً لهما حال حياتهما ، فليبرهما بعد موتهما ، فقد جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : هل بقيَ من برّ أبويَّ شيءٌ أبرّهما به بعد موتهما ؟ قال : " نعم ، الدعاءُ لهما، والاستغفار لهما، وإنفاذُ عهدِهما مِن بعدهما، وصِلة رحمِك التي لا رحمَ لك إلاّ من قِبَلهما " ، هذا وصلوا وسلموا على النبي محمداً ،صلاة أبداً ، وسلاماً سرمداً ، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وقدوتنا وحبيبنا محمد بن عبد الله ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين ، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وآل بيته الطيبين الطاهرين ، وعن الطاهرات أمهات المؤمنين ، وعن الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، اللهم أعنا على بر والدينا، اللهم وفق الأحياء منهما، واعمر قلوبهما بطاعتك، ولسانهما بذكرك، واجعلهم راضين عنا، اللهم من أفضى منهم إلى ما قدم ، فنور قبره، واغفر خطأه وزلـله، اللهم اجزهما عنا خير الجزاء ، وأفضل الثواب ، اللهم اجمعنا وإياهم في جنتك ودار كرامتك، برحمتك ومنتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم أصلح الأبناء والبنات ، ووفقهم للطاعات ، وجنبهم الفواحش والمنكرات ، يا مجيب الدعوات ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .

خطبة (عقوق الوالدين)

سامي بن خالد الحمود

أما بعد ..

شكاوى مقلقة .. وأخبار مزعجة .. تتفطر لها القلوب، وترتج لها النفوس، هي نذير شؤم، وعلامة خذلان، يجب على الأمة جميعها أن تتصدى لإصلاحه .. كيف لا، وهذه الشكاوى والأخبار، تتعلق بأعظم الحقوق بعد حق الله تعالى، إنها أخبار عقوق الوالدين .

هذا يهجر والده لأتفه سبب .. وأخرى تسب أماه لأنها منعتها من الخروج .. وآخر يتجاوز ذلك بالضرب والتعدي على أمه أو أبيه، وربما تصل القضية إلى حد القتل كما نسمع في بيانات تنفيذ بعض الأحكام .

عباد الله .. إننا حينما نتحدث عن عقوق الوالدين فإننا نتحدث عن أكبر الكبائر بعد الإشراك بالله، كيف لا يكون كذلك وقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالى:(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) .

وقال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) .

قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب، فلا يُغْلِظُ لهما في الجواب، ولا يُحِدُّ النظر إليهما، ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد تذللاً لهما.

عباد الله .. إن من المؤسف حقاً، أن نسمع بين الحين والآخر، أن من أبناء الإسلام من يتنكر للجميل ويقابل الإحسان بالإساءة بعقوق والديه .

وإن العاقل ليتساءل: ما سبب انتشار مثل هذه الجرائم؟

لا شك أن من أسباب انتشارها ضعف الإيمان، إذ لا يجرؤ على هذا الأمر إلا من ضعف إيمانه وخوفه من الله، ومن الأسباب كذلك انتشار الفساد والأفلام المقيتة بوجهها الكالح وأفكارها الهدامة التي تفسد الشباب والبنات، وتجرئهم على الآباء والأمهات، ومنها: اختلاط الثقافات وتأثر بعض الناس بحياة الغربي الذي يعيش وحده، ويهجر أسرته وقرابته فلا يراهم إلا في المواسم والأعياد .

ولا ننسى كذلك سوء التربية أصلاً من الوالدين، فيشب الشاب والفتاة على البعد أو القصور والجفاف في علاقتهما بوالديهما فيكون هذا سبباً في العقوق .

أيها الأخوة المؤمنون: ومن عظم حق الوالدين في الإسلام ، أنه قرر برهما وحسن مصاحبتهما بالمعروف، حتى وإن كانا كافرين .

فعن أسماء رضي الله عنها قالت: قَدِمَتْ عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت عليّ وهي راغبة أفأصلها؟ قال: ((نعم، صلي أمك)).

بل أوجب الله تعالى البر بهما، ولو كانا يأمران الولد بالكفر بالله، ويلزمانه بالشرك بالله، قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً) .

فإذا أمر الله تعالى بمصاحبة هذين الوالدين بالمعروف مع هذا القبح العظيم الذي يأمران ولدهما به، وهو الإشراك بالله، فما الظن بالوالدين المسلمين سيما إن كانا صالحين، تالله إن حقهما لمن أشد الحقوق وآكدها، وإن القيام به على وجهه من أصعب الأمور وأعظمها، والموفق من هدي إليه، والمحروم كل المحروم من صُرف عنه .

عباد الله .. لقد بلغ من تأكيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حق الوالدين أن جعله مقدماً على الجهاد في سبيل الله.

ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله)).

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل استأذنه في الجهاد: ((أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد)) [رواه البخاري].

وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد)) [رواه الترمذي وصححه ابن حبان والألباني .

وعن معاوية بن جاهمة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: ((هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها)) [رواه النسائي وابن ماجه بإسناد لا بأس به].

عباد الله .. بر الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات، وببر الوالدين تتنزل الرحمات وتكشف الكربات.

ولما علم سلفنا الصالح بعظم حق الوالدين، قاموا به حق قيام، وسطروا لنا صفحات مشرقة من البر .

كان أبو هريرة رضي الله عنه إذا أراد أن يخرج من دار أمه وقف على بابها فقال: السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك يا بني ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: ورحمك الله كما سررتني كبيراً، ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك.

وهذا محمد بن سيرين التابعي الإمام رحمه الله كان إذا كلم أمه كأنه يتضرع .. قال ابن عوف: دخل رجل على محمد بن سيرين وهو عند أمه، فقال: ما شأن محمد أيشتكي شيئاً؟ قالوا: لا، ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه.

وهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهم كان من سادات التابعين، وكان كثير البر بأمه حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها.

وهذا حيوة بن شريح، وهو أحد الأئمة ، يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.

هذه بعض نماذج بر السلف لآبائهم وأمهاتهم، فما بال شبابنا اليوم يقصرون في بر آبائهم وأمهاتهم، وربما عق أحدهم والديه من أجل إرضاء صديق له، أو أبكى والديه وأغضبهما من أجل سفره أو قضاء متعته .

وكم نجد ونسمع من يلتمس رضا زوجه ويقدمه على رضا والديه .

إنها حقاً صورة من صور العقوق، حين يدخل الزوج على والديه عابس الوجه مكفهر الجبين، فإذا دخل غرفة نومه سمعت الأم الضَحَكات تتعالى من وراء باب الحجرة، أو يدخل ومعه هدية لزوجته، ولا تحلم أمه بأي هدية منه .

يا أخي .. نحن لا ندعوك إلى الجفاء مع زوجتك أو الإساءة إليها، بل ندعوك إلى أن تؤتي كل ذي حق حقه .

ثم قل لي: من أحق بالبر؟ هذه الأم المسكينة هي سبب وجودك، هي التي حملتك في بطنها تسعة أشهر، وتألمت من حملك، وكابدت آلام وضعك، بل وغذتك من لبنها، وسهرت ونمت، وتألمت لألمك، وسهرت لراحتك، وحملت أذاك وهي غير كارهة، وتحملت أذاك وهي راضية، فإذا عقلت ورجت منك البر عققتها؟

فالله الله أيها الأحبة ببر والدينا، وأن نسعى لإرضائهما وإسعادهما في هذه الدنيا، ليسعدنا الله ويجمعنا بهما في الجنة .

والحمد لله رب العالمين .

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه ....

أيها الأخوة المؤمنون .. نحن في الواقع لا ينقصنا العلم بالنصوص الواردة في الكتاب والسنة في فضل بر الوالدين، وأن عقوقهما من كبائر الذنوب.

وإنما ينقصنا العمل بما نعلم .. ينقصنا شيء من المبادرة والاهتمام ، وعدم الغفلة عن مواضع البر مع زحمة الأعمال الدنيوية، كزيارة الوالدين وتفقد أخبارهما والسؤال عن أحوالهما وسؤالهما عن حاجتهما .

وينقصنا كذلك الخوف من مغبة وعقوبة العقوق .

أيها العاق .. لا تغتر بحلم الله عليك .. فإنك مجزي بعملك في الدنيا والآخرة.

يقول العلماء: كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان.

ذكر بعض أهل العلم أن رجلاً حمل أباه الطاعن في السن، وذهب به إلى خربة فقال الأب: إلى أين تذهب بي يا ولدي، فقال: لأذبحك فقال: لا تفعل يا ولدي، فأقسم الولد ليذبحن أباه، فقال الأب: فإن كنت ولا بد فاعلاً فاذبحني هنا عند هذه الصخرة فإني قد ذبحت أبي هنا، وكما تدين تدان.

إني أدعو نفسي وإياكم أيها الإخوة ألا نخرج من هذا المكان المبارك إلا وقد عاهدنا الله على بر والدينا، وأن من كان بينه وبين والديه قطيعة أو خلاف أن يصلح ما بينه وبينهم، ومن كان مقصراً في بر والديه أن يبذل ما بوسعه في برها وإسعادها .

ومن كان براً بهما فليحافظ على ذلك، وإذا كانا ميتين فليتصدق لهما ويبرهما بدعوة صالحة أو عمل صالح يهدي ثوابه لهما.

اللهم إنا نسألك أن تعيننا جميعاً على بر والدينا، اللهم إن كنا قد قصرنا في برهما، أو أخطأنا في حقهما، اللهم فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسرفنا وما أعلنا، واملأ قلبيهما بمحبتنا، وألسنتهما بالدعاء لنا، يا ذا الجلال والإكرام .. اللهم وإن كانا ميتين فاغفر لها وارحمهما، وأعنا على الإحسان إليهما بعد موتهما .

اللهم صل على محمد ...

رسالة إلى كل مسلم ومسلمة ( وصايا هامة جدا )

" تحذر من الشرك والبدع والمعاصي "

محمد شامي شيبة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :

أيها المسلم ــ أيتها المسلمة : خذا هذه الوصايا :

1) الوصية الأولى : لا تشركا بالله شيئا " احذرا من الشرك بالله كبيره وصغيره كثيره وقليله وقد قال تعالى " قل تعالوا أتلوا ما حرم عليكم ربكم ألا تشركوا به شيئا " الاية وحققا توحيد الله بإخلاص العبادة له وحده دون سواه وقد قال تعالى " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة "

2) الوصية الثانية : احذرا من الإبتداع في دين الله وعليكما بلزوم متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد " حديث صحيح .

3) الوصية الثالثة : اجتنبا معصية الله عز وجل ، وأعظم الذنوب هي الكبائر وأكبرها الشرك بالله وقد قال صلى الله عليه وسلم " أكبر الكبائر الإشراك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين وقال تعالى " ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة "

4) الوصية الرابعة : احذرا من الإصرار على الذنوب إذا وقع أحدكما فيها وتوبا إلى الله فورا وكونا ملازمين للتوبة والإنابة إلى الله وقد قال تعالى " وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون "

5) الوصية الخامسة : كونا ملازمين للإستغفار في أوقاتكم وقد قال تعالى " وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " وقد قال صلى الله عليه وسلم " إنه على قلبي وإني لأستغفرالله في اليوم مائة مرة " حديث صحيح "

6) الوصية السادسة : اهتما بوالديكم ( ببرهما واحذرا من عقوقهما ) وقد قال تعالى " وبالوالين إحسانا " وذكر النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر " عقوق الوالدين " ( اهتما بالأب والأم ولتكن زيادة الإهتمام بهما إذا بلغا الكبر عندكما وقد قال تعالى " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما " " فاختار الكلمة الحميدة في خطاب الوالدين والأسلوب الكريم في التعامل معهما "

7) الوصية السابعة : احذرا من كل الأموال المحرمة ومنها أموال اليتامى وغيرهم ومن أكل الربا ومن قتل النفس ومن الفواحش ما ظهر منها وما بطن ومن المخدرات والمسكرات ومن كل المعاصي وأوفوا بالعهود والعقود وقال تعالى " ذالكم وصاكم به لعلكم تذكرون "

8) الوصية الثامنة : لازما تقوى الله في السر والعلن وكثرة ذكر الله عز وجل وأكثروا من تلاوة القران وقد قال تعالى " ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله " وقال صلى الله عليه وسلم : أوصيك بتقوى الله فإنه رأس كل شئ " وقال صلى الله صلى الله عليه وسلم أوصيك بتقوى الله في سرارك وعلانيته " رواه أحمج (حسن ) .

9) الوصية التاسعة : إفعلا الخير واجتنبا الشر وقد قال تعالى " وافعلواالخير لعلكم تفلحون " وقال صلى الله عليه وسلم " أوصيك أن تستحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك " حديث صحيح " .

10) الوصية العاشرة : اسمعا واطيعا لولي أمر المسلمين في المعروف وتمسكا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وابتعدا عن البدع وقد قال تعالى " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول أولي الأمر منكم " وقال صلى الله عليه وسلم " أوصيكم بتقوى الله في السمع والطاعة وإن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى إختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاله " ( حديث صحيح ) . هذا والله الموفق .

محب الخير لكم

إعداد الشيخ : محمد شامي شيبة

عجوز تبكي عقوق ولدها

مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي

كنت أجزم أن عقوق الأمهات بدأ يـأخذ منحنى خطيراً في حياة كثيرين ، لكن لم أكن أتوقع أنه وصل للدرجة التي سأتحدث عنها عبر هذه الأسطر القادمة ...

هذه قصة لم تلتقط من كتاب ، ولم تدر أحاديثها وفصولها من لقاءات أصحاب .. كلا! وإنما أخذتها مشافهة من صاحب الموقف الذي شهد أحداثها ، وتحدّث بفصولها .. وإليك ما قال :

أم في سن السبعين ليس لها من الدنيا شيء .. تسكن في بيت صغير ، لا يسكن معها أحد ، لا لأنها لم تكن ذات أولاد ، وإنما لأن أولادها رحلوا إلى أبنية حديثة مع أزواجهم وتركوها في بيتها بين جدران أربعة .. دخلت عليها وهي تبكي وللدمع على مآقيها آثار ينبئ عن مرارة الواقع التي تعيشه هذه العجوز .. تقدمت إليها .. سألتها مابك أيتها الوالدة ؟! هل تشعرين بشيء من الألم ؟ فإذا بأسئلتي تبعث مواجعها من جديد وإذا بها تبكي وكأنني نتقت جراحاً مؤلماً في حياتها .. الجوع يا ولدي ! لم آكل من يومين ! ولماذا لا تأكلين من يومين ؟ ! ياولدي اسطوانة الغاز انتهت وليس معي ياولدي قيمة تعبئتها .. أليس لك بطاقة ضمان ياوالدة ؟! بلى ياولدي .. لكن ولدي أخذها من عام ولم أرها من حين ما أخذها إلى اليوم ، وأخذت تبكي .. فلم أتمالك نفسي فبكيت من بكائها ، وتألمت لما رأيت من حالها ..

لعلك لا تدري أيها القارئ الكريم من هو ابنها ؟ ما هي وظيفته ؟ وما دخله الشهري ؟ ابنها معلم من المعلمين ، ويتقاضى في الشهر الواحد ما يزيد على خمسة عشر ألف ريال .. فيارب نستجيرك من بغي هذا على أمه ! ونعوذ بك من عقوق هذا لوالديه ، ونسألك ألا تسلط علينا عذابك بقسوة هذا على أمه !

هذه القصة بعض صور ممتدة بدأت تأخذ عمقاً كبيراً في أوساط مجتمعاتنا مع كل أسف .. صور تستدر الدمع من العين ، وتترك في القلب مواجع لا تحتملها مشاعر إنسان !

وثمة أسئلة يمكن أن تسهم في إيضاح هذه الصور بشكل أعمق .. من هي أفضل امرأة في حياة الإنسان ؟ أمه التي عاشت عمرها من أجله أم زوجه التي تكتحل عينه برؤيتها كأثمد بارد جميل ؟

أيهما أفضل بيت زوجتك أم بيت أمك ؟

أيهما تنعم بك أكثر زوجك أم أمك ؟

ما ذا تلبس زوجك وما ذا تلبس أمك ؟

كم تنفق على زوجك وكم تنفق على أمك ؟

كم من ليلة دخلت بعشاء تداريه عن أمك لتنعم به زوجك ؟

كم هي المرات التي دخل بهديتك تسارق أمك النظر ألا ترى ما في يدك ؟

كم هي المرات التي أعطت أمك من مالها مع قلته لتنفقه عليها ؟

كم هي المرات التي لم تقض حاجتها ، وإن قضيتها لم ترد لها باقي ما أعطتك ؟!

هذه أسئلة ستسهم في كشف حقيقة كل قارئ لهذه الأسطر .. حقيقة بره بوالديه من عقوقه لهما ..!

إن القارئ لكتاب الله تعالى يجد قول الله تعالى \" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً \" يهتف بأعظم وصية ، حين يقرر أن البر بالوالدين قرين عبادة الله تعالى ولا يعرف لطاعة احتفي بها لهذه الدرجة غير بر الوالدين .

ومن يتأمل القرآن كذلك يجد نفسه أمام تحذير يخطف الألباب ، حين يقرأ قول الله تعالى : \" فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم .. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم \"

فهل يتصوّر إنسان يقرأ هذه الآية حدود غضب الله تعالى ، ولعنته لإنسان ؟!

إن عاق والدية مهدد من الله تعالى بأن تحيق به اللعنة على وجه الأرض ، ومن أصابته لعنة الله تعالى فماذا بقي له في هذه الدنيا ؟ وقد عرفت من الآية أن اللعنة جزء ، وأن عمى الأبصار وصمم الآذان هو الجزء الآخر على ظهر الأرض ؟ وغداً بين يدي الله تعالى مواقف الحرمان !

فكيف إذا اجتمع مع هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" ما من ذنب أحرى أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع مايدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم \"

إن كل إنسان مدعو هذه اللحظات أن يتأمل لحظات ولادته ، وأيام صغره ، وتاريخ عمره ويتساءل : من الذي حمله ورباه ؟ من الذي غسله وطهره ؟ من الذي سهر لسهره ، وفرح لنومه وعاش من أجله عمره كله ؟

يتساءل : كم من ليلة باتت أمة طاوية من أجله ؟ وكم من يوم كان العرق والغربة والشقاء شاهداً على جهد أبيه من أجله ؟ يا هذا .. أهذا جزاء البر ؟ وهذه عواقب المعروف ؟!

رقى النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وقال آمين .. فسأله الصحابة عن ذلك فقال جاءني جبريل فقال يامحمد من أدرك والديه فلم يدخلاه الجنة فأبعده الله ! قل آمين : فقلت آمين . وأقبل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشتوّق للجهاد ، فقال له صلى الله عليه وسلم : أحي والداك ؟ قال : نعم ، قال ففيهما فجاهد ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال كان جريج يتعبد في صومعته قال فأتته أمه فقالت يا جريج أنا أمك فكلمني فصادفته يصلي فقال يا رب أمي وصلاتي ؟ فاختار صلاته ، فرجعت ثم أتته فصادفته يصلي فقالت يا جريج أنا أمك فكلمني فقال يا رب أمي وصلاتي ؟ فاختار صلاته ، ثم أتته فصادفته يصلي فقالت يا جريج أنا أمك فكلمني قال يا رب أمي وصلاتي ؟ فاختار صلاته .. فقالت اللهم إن هذا جريج وإنه ابني وإني كلمته فأبى أن يكلمني اللهم فلا تمته حتى تريه المومسات \" فما رحل من الدنيا حتى أصابته دعوة أمه ، أخرج من صومعته في تهمة زنا وطيف به على الناس فلما رأى وجوه الزانيات .. ضحك .. فسألوه فقال : أصابتني دعوة أمي . وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خطر العقول وقطيعة الرحم فقال صلى الله عليه وسلم \" لا يدخل الجنة قاطع \" ونهى الله تعالى أشد النهي عن الإساءة إلى الوالدين فقال تعالى \" ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً \" وأبان صلى الله عليه وسلم أن عقوقهما من أكبر الكبائر ، فقال صلى الله عليه وسلم \" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قالوا بلى يارسول الله ! قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين \" وقال صلى الله عليه وسلم \" رشا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد \" .

إن شواهد العقوق أكبر من أن يتحدّث عنها إنسان في موقف كهذا .. وحسبي موقفاً واحداً يحكي أثر العقوق في حال عاق كان عاصياً فاجراً عاقاً لوالديه أتاه أبوه يوماً يأمره بالصلاة ، فما كان منه إن أن لطم اباه ، فذهب الوالد يبكي ، وقال والله لأحجنّ البيت وأدعو عليك ، فحج وتعلّق بأستار الكعبة ورفع يديه قائلاً :

يامن إليه أتى الحجيج قد قطعوا أرضاً فلاة من قرب ومن بعـــــــد

هذه منازل لا يرتد عن عققـــــي فخذ بحقي يارحمن من ولدي

وشل منه بحول منك بـــــــــــــارحة ياليـــــــــت ابني لو يولد ولم ألد

فما أنزل الوالد يده حتى شل الله تعالى أطراف ولده كلها .

إننا لم نعد نتحدث عن صور تدوالها الناس عن عصور مضت وتاريخ عابر ، وإنما نتحدّث عن صور عاشها الواحد في مجتمعاته ، ورأى شواهدها كثيرة في واقعه

ولم يكن حديثي عنها ترف لبيان واقع ، وإنما مساهمة في الإصلاح ومحاولة لرد

الجامحين عن طريق الحق إلى حياض البر من جديد ..

وإن كل من يقرأ رسالتي هذه اللحظة هو مدعو لتقليب نظره في تاريخ حياته مع والديه ، فإن كان والداه حيين إلى الآن فيكفيه منهما أن بابا للجنة لم يغلقا بعد ! وإن بقي أحدهما ففي باب واحد كل ما يتمناه إنسان !

وإن رحلا من الأرض فلا زال يملك الدعاء ، وهو وصية الله تعالى \" أو ولد صالح يدعو له \" ويملك الصدقة فإنها تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، ويملك ما يجعله يلقاهما يوم القيامة وهما راضيين عنه بإذن الله تعالى من أعمال البر . والله المسؤول أن يرزقنا بر والدينا وأن يجعلهما راضيين عنا ما حيينا على ظهر الأرض .

مشعل عبد العزيز الفلاحي

Mashal001@hot,ail.com

مساء السبت (3/8/1430هـ )

 

 

No comments:

Post a Comment